في الوقت الذي تزداد فيه التحذيرات من الأغذية غير الصحية وقلة الحركة باعتبارهما من أبرز أسباب أمراض القلب، كشفت دراسة عالمية جديدة عن خطر آخر صامت يتسلل إلى أجسادنا يوميًا دون أن نلاحظه، الخطر هذه المرة ليس وجبة سريعة أو عادة سيئة بل شيء موجود في كل منزل تقريبًا: البلاستيك، وفقا لموقع تايمز ناو.

دراسة عالمية: أكثر من 100 ألف وفاة مرتبطة بالفثالات خلال عام واحد
 

وفقًا لدراسة حديثة نُشرت مؤخرًا، تبيّن أن المواد الكيميائية المعروفة باسم الفثالات—وهي مكونات تُضاف إلى البلاستيك لجعله مرنًا وناعمًا—مرتبطة بارتفاع معدلات الوفاة الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية.

وكشفت الدراسة أن دولة واحدة فقط مثل الهند شهدت أكثر من 100 ألف وفاة بسبب التعرض لهذه المواد خلال عام واحد.

الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل جرس إنذار عالمي يؤكد أن الخطر أقرب مما نعتقد، وأننا محاطون بمواد قد تضر أجسامنا على مدى سنوات.

كيف تدخل الفثالات إلى أجسامنا؟
 

ما يجعل الفثالات خطيرة ليس وجودها في البلاستيك، بل قدرتها على التسرب بسهولة.
فهي قد تنتقل إلى الطعام عند تسخينه داخل عبوات بلاستيكية، أو تختلط بالماء المخزن في الزجاجات، بل وتختلط بالهواء الذي نتنفسه داخل منازلنا.

وتتسلل هذه المواد أيضًا عبر منتجات نستخدمها يوميًا مثل:

مستحضرات التجميل

الشامبو

لعب الأطفال

عبوات الطعام

أدوات المطبخ

الأرضيات البلاستيكية

دون أن ندرك أننا نتعرض لجرعات صغيرة لكنها مستمرة.

لماذا تُعد الفثالات خطيرة على القلب؟
 

تعمل الفثالات كمواد معطّلة للهرمونات، وهو ما يجعلها قادرة على إحداث خلل كبير في الجسم.
وتؤثر على:

نظام الغدد الصماء

الأيض

الجهاز التنفسي

الخصوبة

صحة القلب

أخطر ما كشفته الدراسة العالمية هو أن مادة DEHP—أكثر أنواع الفثالات شيوعًا—تُسبب التهابًا داخل الشرايين، ما يؤدي مع الوقت إلى:

تصلب الأوعية الدموية

تراكم اللويحات داخل الشرايين

زيادة احتمالات النوبات القلبية

ارتفاع خطر السكتة الدماغية

حتى التعرض المنخفض لهذه المواد، إذا كان مستمرًا، يرفع الخطر بشكل كبير لأنها تتراكم في الجسم ببطء.

من الأكثر عرضة للخطر؟
 

تشير الدراسات إلى أن التأثيرات تكون أشد على:

الأطفال

النساء الحوامل

كبار السن

الأشخاص الذين يعيشون في منازل تعتمد بكثرة على البلاستيك

ومع توسع الاستخدام العالمي للبلاستيك في التغليف والتخزين والاستهلاك اليومي، يتزايد حجم التعرض لهذه المواد بصورة مخيفة.

هل يمكننا حماية أنفسنا؟
 

لا يمكن التخلص من الفثالات بالكامل من البيئة، لكنها ليست قدرًا محتومًا. يمكن تقليل التعرض لها بشكل كبير من خلال خطوات بسيطة:

تجنب تسخين الطعام داخل عبوات بلاستيكية

استخدام زجاج أو ستانلس ستيل للتخزين

قراءة ملصقات المنتجات واختيار ما هو "خالي من الفثالات"

تقليل استخدام زجاجات المياه البلاستيكية

تهوية المنزل بانتظام

الابتعاد عن لعب الأطفال منخفضة الجودة

هذه التغييرات الصغيرة تحدث فارقًا كبيرًا في المدى الطويل.

يكشف التقرير العالمي الجديد أن الخطر يكمن في التفاصيل اليومية التي نغفلها ليست الفثالات مادة جديدة علينا، ولكن فهم تأثيرها الحقيقي على القلب يجعل التعامل معها أكثر وعيًا ومسؤولية.
فالوقاية ليست رفاهية، بل ضرورة، خاصة في عالم تزداد فيه مسببات الأمراض وتتوسع فيه الصناعات على حساب صحة الإنسان.