أخر الأخبار » العربي

التهاب الكبد يؤرّق فلسطينيي مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان

وسط ظروف العيش المتدهورة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة الواقع في الجنوب اللبناني، ولا سيّما في ظلّ الأزمات التي يتخبّط بها لبنان، أتى التهاب الكبد "أ" ليزيد تحديات هؤلاء. على الرغم من انقضاء أيام على عدم تسجيل أيّ حالات جديدة من التهاب الكبد "أ" في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوبي لبنان، وعلى الرغم من تطمينات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي أخرجت بئرَي مياه ملوّثتَين في المخيم من الخدمة في هذا السياق، فإنّ القلق ما زال يُسجَّل بين سكانه. وكانت 18 إصابة بالتهاب الكبد "أ" قد رُصدت في مخيم عين الحلوة، بين الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري و19 منه، توزّعت في مناطق مختلفة من المخيم، بحسب ما بيّنت وكالة أونروا، "من دون إمكانية تحديد مصدر العدوى بدقّة" نظراً إلى "عدم وجود عامل مشترك بين الحالات". وأوضحت، في بيان أخير، أنّ الأشخاص المصابين "جميعهم في حالة مستقرّة، من بينهم أربعة أُدخلوا إلى المستشفى، وغادروه بعد تلقّي العلاج". كذلك أشارت الوكالة إلى أنّ فرقها الطبية تتابع الوضع الصحي يومياً، من خلال زيارات ميدانية للمراكز الصحية والمدارس، فتعقّم خزّانات المياه بالكلور وتجري فحوصاً دورية لمصادر المياه والأطعمة في المقاصف. يُذكر أنّ وكالة أونروا راحت تُصدر تباعاً بيانات رسمية للإحاطة بمستجدّات هذه القضية، وقد أفادت في آخرها أنّها مستمرّة في إجراء فحوص لمياه بئرَي "أنور ماضي" و"السكة" التي ثبت تلوّثها، وأكدت أنّها تعمل في الوقت الراهن لمعالجة المياه تمهيداً لإعادة البئرَين إلى الخدمة بطريقة آمنة. وكانت وكالة أونروا قد أفادت، في بيان أوّل أصدرته في هذا المجال، بأنّ في إطار متابعتها الدورية لجودة المياه في مخيم عين الحلوة، أظهرت نتائج الفحوص أنّ البئرَين المذكورتَين لم تستوفيا معايير السلامة المطلوبة، لذلك أخرجتهما فوراً من الخدمة، في 16 أكتوبر الجاري، وراحت تجري فحوصاً شاملة لتحديد أسباب عدم مطابقة المياه المعايير المطلوبة، في حين عمدت إلى معالجة المياه لضمان سلامتها كلياً قبل إعادة تشغيل البئرَين. وتابعت وكالة أونروا، في بيانها نفسه، أنّها تواصل البحث في الأسباب المحتملة للحالات المكتشفة حديثاً من التهاب الكبد "أ" في مخيم عيم الحلوة، لتحدّد ما إذا كانت مرتبطة بإمدادات المياه أو بعوامل أخرى مثل استهلاك أطعمة ملوّثة أو منتجات منتهية الصلاحية أو قلّة النظافة. وحثّت سكان المخيم على الالتزام بالإجراءات الوقائية الأساسية، بما في ذلك غسل اليدَين قبل تناول الطعام، وغسل الفواكه والخضراوات، والتحقق من تواريخ صلاحية المواد الغذائية. وفي السياق نفسه، تنظّم وكالة أونروا، بحسب ما أعلنت في آخر بياناتها، جلسات توعية في المراكز الصحية والمدارس في مخيم عين الحلوة، وتشجّع الأهالي على الالتزام بإرشادات الوقاية المشار إليها آنفاً، من أجل تفادي العدوى. أضافت أنّها تعمل، في الوقت الراهن، لزيادة ضخّ المياه من آبار آمنة أخرى بهدف التقليل من تأثير توقّف البئرَين على السكان، وطمأنت أنّ "شبكة المياه المستخدمة حالياً جديدة وآمنة وتُعقّم دورياً"، داعيةً سكان المخيم إلى تجنّب استخدام شبكات المياه القديمة أو غير الآمنة. وحذّرت الوكالة من تداول المعلومات المغلوطة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول خدماتها في المخيم، مشدّدةً على أنّ هذه الأخبار تثير البلبلة بين السكان. يُذكر أن وكالة أونروا تُشرف على تشغيل وإدارة آبار المياه في مخيم عين الحلوة، البالغ عددها 12 بئراً، علماً أنّ السكان يعتمدون عليها كلياً لتأمين احتياجاتهم من مياه الشرب والخدمة، إذ لا يستفيدون من مصادر مياه أخرى، ولا سيّما شبكة مؤسسة مياه لبنان. كذلك توفّر الوكالة الوقود لتشغيل المولدات الخاصة بآبار المياه، وتتولّى عمليات تعقيمها دورياً بالإضافة إلى فحص عيّنات بانتظام للتأكد من سلامة المياه وخلوّها من أيّ تلوّث محتمل. حسن عمر مبروكة، طفل يبلغ من العمر سبعة أعوام، من بين الذين أُصيبوا بالتهاب الكبد "أ". ويخبر والده "العربي الجديد" ما عاشوه في خلال الأيام الماضية، مذ أبلغتهم إدارة مدرسته بأنّه مريض. وحسن تلميذ في الصف الأول الأساسي بإحدى المدارس التابعة لوكالة أونروا في مخيم عين الحلوة، وقد نقله أهله إلى عيادة تابعة للوكالة حيث أُجريت له الفحوص اللازمة، لتظهر نتائجها إصابته بالتهاب الكبد "أ". يضيف الوالد أنّ الوكالة حوّلتهم إلى "مستشفى عسيران" حيث بقوا أكثر من يومَين. ولأنّ الصغير كان في حاجة إلى عزل ولم تكن تتوفّر غرف شاغرة في المستشفى، نقله أهله إلى المستشفى الحكومي في صيدا. وبعد ثلاثة أيام، أخرجوه على كفالتهم الخاصة، وراحوا يقدّمون له العلاج في المنزل، ويخضعونه للفحوص اللازمة. وعلى خلفية رصد الحالات في مخيم عين الحلوة، تأهّبت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في مختلف المناطق اللبنانية، تحسباً لأيّ طارئ. وعلى سبيل المثال، أصدرت اللجان الشعبية في مخيم برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية بياناً، دعت فيه الأهالي إلى تعزيز إجراءات النظافة العامة والمنزلية. وأشارت اللجان إلى أنّ وكالة أونروا تعيد وضع الكلور في آبار مياه المخيم، في حين أصدرت بعض الإرشادات التي قد تجنّب العدوى المحتملة، مع العلم أنّ أيّ إصابة بمرض التهاب الكبد "أ" لم تُسجَّل في مخيم برج البراجنة. ومن التدابير الوقائية المذكورة غسل اليدَين، وشرب المياه المأمونة، وتنظيف الخضراوات والفواكه، وتجنّب تناول الطعام من مصادر غير موثوقة. وقال أبو عمر الأشقر، من اللجان الشعبية في مخيم برج البراجنة، لـ"العربي الجديد" إنّهم اضطرّوا إلى إصدار بيان وجّهوه لسكان مخيمهم، بعد المستجدّات في مخيم عين الحلوة، وقد تواصلوا كذلك مع مسؤولين في وكالة أونروا لمتابعة موضوع تعقيم المياه. وشدّد: "نحن نعمل من أجل الوقاية. نريد أن يكون عملنا توعوياً، وقد توجّهنا كذلك للمؤسسات والروضات في المخيم من أجل التوعية"، مطمئناً أنّ "لا إصابات في برج البراجنة". تجدر الإشارة إلى أنّ وكالة أونروا حذّرت في آخر بياناتها بخصوص مخيم عين الحلوة، من "المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة حول خدماتها التي تُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تُسبّب إرباكاً وقلقاً لدى الأهالي". وطلبت "الاعتماد على قنواتها الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة أو التحقق من المعلومات قبل نشرها من خلال موظّفيها". وتفيد منظمة الصحة العالمية بأنّ مرض التهاب الكبد "أ" يسبّبه فيروس يحمل الاسم نفسه، مبيّنةً أنّ العدوى بالفيروس تنتقل في الأساس عند تناول شخص غير مصاب بالعدوى، وكذلك غير محصّن بلقاح مضاد لهذا الفيروس، أطعمة أو مياهاً ملوّثة. وتوضح أنّ أسباب الإصابة بهذا المرض ترتبط ارتباطاً وثيقاً، خصوصاً، بعدم مأمونية المياه أو الطعام، وكذلك بعدم كفاية خدمات الإصحاح، وبتدني مستوى النظافة الشخصية.
بتاريخ:  2025-10-26


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.