أخر الأخبار » العربي

هل تدفع العقوبات الأوروبية إيران إلى حضن روسيا؟

مع ترقب إمكانية إعادة تفعيل العقوبات الأوروبية ضد إيران بعد استحداث آلية "سناب باك" من قبل الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، تتابع روسيا عن كثب تطورات الوضع، وسط تساؤلات حول حدود الدعم السياسي الذي تستطيع أن تقدمه لطهران وما إذا كان تزايد الضغوط الغربية على البلدين سيدفعهما إلى تعزيز الشراكة بينهما. وبعد الإعلان عن عزم الترويكا إعادة تفعيل العقوبات الأوروبية بحق طهران، سعت إيران وروسيا لإصدار رسائل تشهر عزمهما الدفع بالتعاون الثنائي، إذ وقعتا، أول من أمس الأربعاء، مذكرة تفاهم لبناء محطات طاقة نووية صغيرة في إيران. ووقع الاتفاق رئيس شركة "روساتوم" أليكسي ليخاتشوف ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي خلال اجتماع في موسكو. ووصفت "روساتوم" الاتفاق بأنه "مشروع استراتيجي". وكان إسلامي، الذي يشغل أيضاً منصب نائب الرئيس الإيراني، قال لوسائل إعلام رسمية إيرانية أخيراً، إن الخطة تتضمن بناء ثماني محطات طاقة نووية في إطار سعي إيران للوصول إلى قدرة إنتاجية للطاقة النووية تبلغ 20 جيغاواط بحلول العام 2040. مراد صادق زاده: يمكن لروسيا تقديم الدعم لإيران عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري - التقني كما عقد نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفيرتشوك، لقاء مع وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني محمد أتاباك، تناول سبل زيادة حجم التبادل التجاري والمشاريع المشتركة في مجالي الطاقة والصناعة. وأشاد أوفيرتشوك، خلال اللقاء بالديناميكية الإيجابية للعلاقات الاقتصادية بين روسيا وإيران، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، سجل ارتفاعاً نسبته 11.8% مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2024. تعزيز للشراكة بين إيران وروسيا ويتوقع رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، الأستاذ الزائر في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، مراد صادق زاده، ألا يقتصر الدعم الروسي لإيران بوجه إعادة تفعيل العقوبات الأوروبية على الدعم السياسي بالمحافل الدولية، بل يشمل أيضاً تعزيزاً للشراكة الاقتصادية والتعاون العسكري - التقني. ويقول صادق زاده، في حديث لـ"العربي الجديد": "أكدت روسيا بوضوح أنها تندد بإعادة تفعيل العقوبات الأوروبية بحق إيران، وتعتبر مثل هذا الإجراء غير مشروع وانتهاكاً للاتفاقات السابقة، ولذلك يمكن لروسيا تقديم الدعم لإيران عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري - التقني دون النظر إلى موقف الغرب في ظل خضوع البلدين للعقوبات الغربية، ما يعني أن أي ضغط غربي على البلدين يدفعهما إلى حضن البلد الآخر". بدوره، يلفت الصحافي والمستشرق الروسي، رسلان سلیمانوف، إلى أن روسيا تسعى للتوصل إلى حل وسط بشأن البرنامج النووي الإيراني وتقديم دعم سياسي لطهران في المحافل الدولية، متوقعاً في الوقت نفسه ألا يذهب الدعم أبعد من ذلك في ظل تخاذل موسكو عن تقديم أي دعم يذكر لإيران أثناء تعرضها للهجومين الإسرائيلي والأميركي في يونيو/حزيران الماضي. ويقول سليمانوف، في حديث لـ"العربي الجديد": "تعارض روسيا إعادة تفعيل العقوبات الأوروبية ضد إيران، وتسعى للتوصل إلى حل وسط بشأن البرنامج النووي الإيراني عبر المفاوضات مع كافة الأطراف المعنية قدر المستطاع في ظروف تدهور العلاقات. تقدّم موسكو دعماً لطهران عبر الموافقة على القرارات القاضية بعدم تمديد العقوبات وفرض حق النقض على تلك الرامية إلى استعادة آلية فرض العقوبات على إيران". روسيا لا تحظى بثقة الغرب ومع ذلك، يشكك سليمانوف في قدرة موسكو على أداء دور الوساطة بين إيران والغرب، مضيفاً: "لا تحظى روسيا بثقة الغرب، كما أن إيران تنظر إليها بعين الريبة أيضاً. طالما لم تستجب روسيا لضغوط أميركا في مسألة إقامة السلام في أوكرانيا، من الصعب أن نتوقع دوراً نشطا لها في الملف الإيراني". ويجزم بأن الضربات الإسرائيلية على إيران وقطر دفعت بدول المنطقة نحو البحث عن ضمانات أمنية بديلة، قائلاَ: "لا شك أن إبرام الاتفاقية الدفاعية بين السعودية وباكستان ينبع من مواجهتهما الخطر الإيراني والإسرائيلي، خصوصاً أن هناك سوابق لحوادث بضلوع إيران ولا يجوز استبعاد احتمال تكرارها في المستقبل". شكك رسلان سليمانوف بقدرة موسكو على أداء دور الوساطة بين إيران والغرب وفي وقت يثير فيه تضييق الخناق على إيران بدءاً من الضربات الإسرائيلية والأميركية وصولاً إلى إمكانية إعادة تفعيل العقوبات الأوروبية، تساؤلات حول إمكانية انسحاب إيران من معاهدة منع انتشار السلاح النووي، يعتبر نائب مدير معهد دراسات إيران وأوراسيا في طهران، محمود شوري، أن "أنصار الخط المتشدد في إيران قد ينظرون في خيار الانسحاب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي"، مقراً، في الوقت نفسه، بأن "مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة الإجراء الأخير في حال استمر الضغط الخارجي". وفي معرض إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت إيران قد تنسحب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي، يقول شوري، في مقابلة مع صحيفة كوميرسانت الروسية نشرت أخيراً: "للأسف، لم يترك الغرب لإيران سوى إمكانيات محدودة في المفاوضات النووية. لم تجنِ إيران فائدة من المفاوضات والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل خسرت العديد من الإمكانيات المشروعة إثر تعرض منشآت خاضعة لمراجعات منتظمة، لهجمات عدوانية أميركية وإسرائيلية غير مشروعة. لذلك ينظر أنصار الخط المتشدد في إيران في خيار الانسحاب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي. إلا أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة الإجراء الأخير في حال استمر الضغط الخارجي". وبعد الهجومين الإسرائيلي والأميركي على إيران، برزت تلميحات روسية بحتمية مضي طهران قدماً في طريق تطوير ترسانة نووية لضمان حصانتها على غرار كوريا الشمالية. علماً أن الهند وباكستان وكوريا الشمالية أجرت اختباراتها النووية بعد إبرام معاهدة منع انتشار السلاح النووي عام 1968، لتصبح بذلك دولاً نووية بحكم الأمر الواقع. وعلى الصعيد الرسمي، عارضت روسيا الخطط الأوروبية لإعادة تفعيل العقوبات بحق إيران منذ استحداث آلية "سناب باك"، إذ قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أثناء جلسة مجلس الأمن نهاية الأسبوع الماضي: "لا نعترف بالشكوى بشأن مشروع القرار رقم 2231 التي أحالتها برلين ولندن وباريس إلى مجلس الأمن". وأضاف أن "بريطانيا وفرنسا وألمانيا انتهكت دوماً القرار رقم 2231 وخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، بما في ذلك عبر فرض بصورة غير مشروعة عقوبات ضد إيران بدلاً من تلك المنتهية".
بتاريخ:  2025-09-26


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل