أخر الأخبار » العربي

زيارة الشرع إلى نيويورك لا تحسم ملفات رئيسية

لم تحسم الزيارة التي قام بها الرئيس السوري أحمد الشرع للولايات المتحدة أهم ملفين ماثلين أمام السوريين، وهما: العقوبات الأميركية، والاتفاق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، بهدف تعزيز الاستقرار. بيد أن الزيارة عُدّت تاريخية وخطوة واسعة باتجاه استعادة سورية مكانتها في المجتمع الدولي بعد قطيعة وحصار. كذلك عُدّت -وهي أول زيارة يقوم بها رئيس سوري للولايات المتحدة منذ عام 1967- فرصة كبيرة لفتح قنوات اقتصادية ودبلوماسية، مع مختلف دول العالم، وهو ما تجلى في لقاءات ثنائية أجراها الشرع مع عدد من رؤساء العالم الذين حضروا اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. والتقى الشرع للمرة الثانية منذ توليه السلطة في سورية، نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال حفل الاستقبال الذي أقامه الأخير على هامش أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في مقر المنظمة بمدينة نيويورك. ونشرت وسائل إعلام سورية حكومية صباح أمس الخميس صور مصافحة ما بين الرئيسين اللذين كان من المتوقع أن يعقدا جلسة مباحثات موسعة، ولكن حال، كما يبدو، عدم اتفاق دمشق وتل أبيب على اتفاق جديد ناظم للعلاقة الأمنية بينهما في جنوب سورية دون ذلك. الشرع يطالب برفع العقوبات وألقى الشرع مساء الأربعاء الماضي كلمة، تابعها السوريون على نطاق واسع، من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب فيها برفع العقوبات التي لا تزال مفروضة على بلاده، ولا سيما أن الأسباب التي دفعت إلى فرضها سقطت مع سقوط نظام بشار الأسد الذي "استخدم أبشع أدوات التعذيب ضد الشعب السوري، وقتل نحو مليون إنسان وهدم نحو مليوني منزل"، بحسب ما جاء في الكلمة. وبيّن الشرع أن التهديدات الإسرائيلية لسورية "لم تهدأ منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى اليوم". كذلك أشار إلى أن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسورية وشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرّض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي". وعرض الشرع خطوات قامت بها إدارته في الداخل. ويُعَدّ ملفا العقوبات الأميركية التي صدرت بقوانين عن الكونغرس، خصوصاً "قانون قيصر"، وملف الاتفاق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، على رأس الأولويات لدى سورية في الوقت الراهن، لذا رُفع سقف التوقعات بتحقيق تقدم فيهما، في أثناء الزيارة. ولكن أوساطاً أميركية، خصوصاً في المؤسسة التشريعية، تربط، كما يبدو، إلغاء قوانين العقوبات بإجراء الشرع إصلاحات سياسية، وتقليص نفوذ إيران وروسيا في سورية، والانضمام إلى تحالف دولي ضد الإرهاب تقوده الولايات المتحدة. كذلك تربط واشنطن هذا الملف بتحقيق تقدم في ملف العلاقات السورية الإسرائيلية، الذي ما زال دون الحسم بسبب اشتراطات ومطالب إسرائيلية، تجعل من الاتفاق الأمني الذي يحاول الجانبان منذ أشهر التوصل إليه عبر مفاوضات مباشرة بوساطة أميركية، وثيقة إذعان تشرّع احتلال أراضٍ سورية جديدة، وتقوّض إلى حد بعيد السيادة السورية على الجنوب السوري. أحمد القربي: إيجابيات زيارة الشرع لأميركا أكثر من سلبياتها وتطالب دمشق بالعودة إلى اتفاقية "فك الاشتباك" لعام 1974 التي أطاحتها إسرائيل بعد الثامن من ديسمبر الماضي، وخلقت وقائع جديدة للضغط على الجانب السوري لتوقيع اتفاق أمني يعزز نفوذ تل أبيب جنوب دمشق. لكن الجانب الإسرائيلي وضع توسيع المنطقة العازلة والبقاء في أعلى قمة في جبل الشيخ وتقييد حركة الجيش السوري جنوب دمشق، فضلاً عن استباحة المجال الجوي السوري، شروطاً لتوقيع الاتفاق وإيقاف الاعتداءات المتكررة على سورية. وأعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن أوكرانيا وسورية استعادتا العلاقات الدبلوماسية رسمياً، أول من أمس الأربعاء، بعدما التقى الشرع على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكتب زيلينسكي، على منصة تليغرام بعد إعلانه استعادة العلاقات الدبلوماسية: "إننا سعداء بهذه الخطوة المهمة، ومستعدون لدعم الشعب السوري في طريقه نحو الاستقرار". ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، خلال اجتماع مع غوتيريس، الأربعاء الماضي، إلى دفع عملية "الانتقال السياسي" في سورية من خلال "حوار شامل ومشاركة واسعة". ولفت إلى أهمية الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها، معرباً عن قلقه إزاء انتهاك الاتفاقية الموقعة بين سورية وإسرائيل عام 1974. إيجابيات الزيارة وعن قراءته لزيارة الشرع الولايات المتحدة ومعانيها الرئيسية المباشرة، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إيجابيات الزيارة أكثر من سلبياتها، إن وُجدت، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي". وأضاف: لقاء الشرع مع الجالية السورية في الولايات المتحدة، واللقاءات مع أعضاء في الكونغرس ومع قادة أوروبيين، فضلاً عن وقوف رئيس سوري على منبر الأمم المتحدة للمرة الأولى منذ 58 عاماً، ليخاطب العالم، هذه كلها نجاحات للزيارة ونصر سياسي. وبرأيه، فإن الزيارة لم تدفع باتجاه تحقيق إنجاز في ملفي الاتفاق الأمني مع إسرائيل أو إلغاء "قانون قيصر" للعقوبات "رغم أن الزيارة باعتقادي لم تكن مرتبطة مباشرةً بهذين الملفين". ويعتقد القربي أن الزيارة كانت "فرصة للقاء مشرعين أميركيين على طريق رفع العقوبات"، مضيفاً: "أعتقد أن هذا الملف سيشهد تطورات في المرحلة المقبلة بناءً على هذه الزيارة". بسام العمادي: العقوبات تستعمل أداة ضغط على سورية من جانبه، رأى السفير السوري السابق في السويد، بسام العمادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن من المبكر الحديث عن نتائج لزيارة الشرع الولايات المتحدة، مضيفاً: "علينا الانتظار لمعرفة نتيجة لقاءاته، خصوصاً التي أجريت حول الاتفاق الأمني مع إسرائيل، فلم يظهر شيء عنهما بعد". ورأى العمادي أن مسألة إلغاء "قانون قيصر" للعقوبات المفروضة على سورية "مرتبطة بطلبات الولايات المتحدة وإسرائيل من سورية"، مضيفاً: العقوبات تستعمل أداة ضغط لأنه لا يوجد مبرر لاستمرارها بعد سقوط النظام البائد. وأعرب عن اعتقاده أنه "لا توجد مؤشرات على قبول إسرائيل بالمحددات السورية للتوصل إلى اتفاق أمني جديد"، مشيراً إلى "أننا لا نعرف إن كان سيكون اتفاق في المدى المنظور، لأن اللقاءات التي أجريت بين وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر غير معلنة بشكل كامل، ولا يتم التحدث عن فحواها".
بتاريخ:  2025-09-26


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل