أخر الأخبار » العربي

ترامب يستخدم الجولان المحتل ورقة ضغط وإغراء لنتنياهو

لم تتأخر وزارة الخارجية السورية، في الرد على تجديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، في موقف مضاد للقرارات الدولية، من المتوقع أن يلقي بظلاله على المفاوضات الجارية بدعم من واشنطن للتوصل إلى اتفاق أمني بين تل أبيب ودمشق التي تعتبر حالياً أن مسألة الجولان المحتل ليست أولوية، لكنها غير مستعدة للتخلي عنه.  ونشرت وزارة الخارجية السورية، أمس الثلاثاء، قرار مجلس الأمن 497 والذي صدر في ديسمبر/كانون الأول عام 1981 رداً على قرار إسرائيلي صدر في 14 ديسمبر من العام ذاته بفرض قوانين الاحتلال وسلطاته وإدارته على مرتفعات الجولان السورية. واعتبر مجلس الأمن القرار الإسرائيلي "مُلغى وباطلاً" وليس له أي أثر قانوني دولي، وطالب إسرائيل بإلغاء هذا القرار فوراً. كما أكد قرار مجلس الأمن أن أحكام اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب سارية المفعول على الأراضي السورية المحتلة. وعُدّ نشر القرار رداً على تجديد اعتراف ترامب أول من أمس الاثنين، خلال لقائه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، والمحتلة منذ عام 1967. الجولان المحتل... اعتراف بلا مفاعيل كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت أواخر العام الماضي قراراً يدعو إسرائيل مجدداً إلى الانسحاب من مرتفعات الجولان السورية، ونصّ على أن أنشطة الاستيطان والبناء التي تقوم بها إسرائيل في مرتفعات الجولان "غير قانونية" وأنها تواصل انتهاك قرار مجلس الأمن رقم 497 الذي تم تبنيه عام 1981. رضوان زيادة: الاعتراف الجديد دليل على أن الولايات المتحدة ليست وسيطاً نزيهاً وكان ترامب اعترف في عام 2019 أثناء ولايته الأولى بسيادة إسرائيل على الجولان، ولكن هذا الاعتراف بلا مفاعيل قانونية كونه مضاداً للقرارات الدولية ذات الصلة ومنها 242 الذي صدر في عام 1967 والذي نصّ على "انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع"، في إشارة إلى العدوان الذي شنته إسرائيل على سورية ومصر والأردن في ذلك العام. واللافت أن تذكير ترامب باعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، يأتي في خضم مساع تبذلها الولايات المتحدة من أجل عقد اتفاق أمني جديد بين تل أبيب ودمشق التي كما يبدو لا تضع مسألة الجولان المحتل في رأس الأولويات في الوقت الراهن، وتريد اتفاقاً أمنياً يحول دون استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على سورية. وتُبدي دمشق منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 (تاريخ سقوط نظام الأسد) انفتاحاً على مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي من أجل ترتيب أوراق الجنوب السوري بشكل يحترم السيادة السورية، وهو ما أعاد تأكيده الرئيس السوري أحمد الشرع أخيراً خلال حوار في قمة كونكورديا السنوية في نيويورك على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال: "لدينا مراحل في التفاوض مع إسرائيل، المرحلة الأولى هي الاتفاق الأمني الذي يعيد إسرائيل إلى هدنة 1974". وأضاف: "إذا نجحت التهدئة، وكان هناك التزام من إسرائيل في ما نتفق عليه، فربما يتطور هذا المشهد لنناقش مسائل أخرى تتعلق بالجولان المحتل، وتتعلق بمستقبل العلاقة ما بين سورية وإسرائيل على المدى البعيد". وتقع هضبة الجولان المحتل في الجنوب الغربي من سورية، وتبلغ مساحتها نحو 1860 كيلومتراً مربعاً، تحتل إسرائيل منها نحو 1176 كيلومتراً مربعاً. وبحسب إحصاء جرى في عام 2021، بلغ مجموع سكّان أربع قرى في الجولان المحتل، هي مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية، نحو 23 ألف شخص، هم سوريون جلّهم من الدروز، والعدد الأكبر منهم لا يزال يتمسك بالجنسية السورية، إضافة إلى نحو 25 ألف مستوطن موزعين على 30 مستوطنة. وتتمسك إسرائيل بهضبة الجولان نظراً لموقعها الاستراتيجي وخاصة عسكرياً وأمنياً، وغناها بالثروات وخاصة المائية منها. وجرت في تسعينيات القرن الماضي جولات تفاوض بين دمشق وتل أبيب حول مصير الجولان، وصلت إلى مراحل متقدمة، إلا أنها توقفت مطلع الألفية الجديدة بسبب رفض إسرائيل الانسحاب الكامل من الأراضي السورية المحتلة. تأثير على التفاوض واعتبر الباحث السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، كلام ترامب عن الجولان المحتل "تثبيتاً لأمرين مهمين أعطاهما لإسرائيل، وهما الاعتراف بضمّها للجولان ونقل السفارة الأميركية إلى القدس". وبرأيه، فإن استرداد هضبة الجولان "ليس أولوية" في الوقت الراهن للإدارة السورية الجديدة، معرباً عن اعتقاده بأن لدى الحكومة السورية أولويات أخرى أكثر إلحاحا. ورجّح زيادة أن يلقي الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان بظلاله "بشكل غير مباشر" على المفاوضات الجارية للتوصل لاتفاق أمني بين سورية وإسرائيل. وتابع: "هذا الاعتراف دليل على أن الولايات المتحدة ليست وسيطاً نزيهاً، فهي تعطي ضمانات لإسرائيل بما يخص الجولان وتدعم اتفاقاً أمنياً محدوداً مع دمشق شروطه غير واضحة، وليس في مصلحة الدولة السورية". خالد خليل: الحكومة السورية تريد اتفاقاً أمنياً مع إسرائيل لا أكثر وأطاحت تل أبيب، بعد سقوط نظام الأسد، اتفاقية "فكّ الاشتباك" الدولية الموقعة في عام 1974، والتي ظلّت تحكم العلاقة الأمنية بين سورية وإسرائيل منذ ذلك الحين، واحتلت المنطقة العازلة بين سورية والجولان ومواقع استراتيجية أخرى، للضغط على دمشق من أجل الانخراط بمفاوضات تفضي إلى اتفاق حول مصير الجولان. وكانت تل أبيب نظّمت منتصف العام الحالي زيارة للمبعوث الأميركي إلى سورية توم برّاك للجولان بهدف إطلاعه على ما وصفتها صحيفة "يسرائيل هيوم" بـ"التهديدات الأمنية التي تشكّلها سورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع". في المقابل، تبدو الإدارة السورية غير مستعجلة لنقاش مصير الجولان، فهذه مسألة "معقدة وكبيرة" ومن المبكر بحثها حالياً، كما قال الشرع في حديث أمام صحافيين قبيل توجهه إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وبرأي الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية خالد خليل، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان "مخالف للأعراف الرئاسية في الولايات المتحدة ومخالف للقرارات الدولية". وتابع: "الاعتراف الثاني جاء في ظروف مختلفة عن تلك التي كانت في عام 2019، فطبيعة العلاقة بين ترامب ونتنياهو أيضاً كانت مختلفة. المنطقة اليوم تشهد انقلاباً في موازين القوى وتحولات كبرى، لذا يحاول ترامب تصدير نفسه على أنه رجل الصفقات الكبيرة. كما رأى أن هناك تبايناً في الأولويات السياسية بين حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل والولايات المتحدة، معرباً عن اعتقاده أن تجديد الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان "يأتي في ظلّ ضغوط يمارسها ترامب على نتنياهو لإرغامه على وقف النار في غزة". وأوضح خليل أن "هذا الاعتراف إعلامي يهدف للضغط السياسي على نتنياهو ولا قيمة قانونية له فالجولان محتل وفق القرارات الدولية". وبرأيه، فإن الحكومة السورية تريد اتفاقاً أمنياً مع إسرائيل لا أكثر، مشيراً إلى أن دمشق "ترفض بشكل قاطع التنازل عن أي أرض سورية أو التفاوض على الحقوق". واعتبر أن المفاوضات حول الاتفاق "تعثرت بسبب تعنت نتنياهو ومطالبته بما يسميه ممراً إنسانياً من الجولان المحتل إلى السويداء. هذا الطلب كان ذريعة للانقلاب على كل التفاهمات التي تمّت من أجل التوصل إلى اتفاق أمني". كما أعرب عن اعتقاده بأن مصير الجولان السوري المحتل "مرتبط باتفاقية سلام كاملة مع إسرائيل وليس باتفاق أمني محدود هدفه كفّ الاعتداءات على سورية لا أكثر".
بتاريخ:  2025-10-01


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل