أخر الأخبار » العربي

احتجاج لا يعكّر زخم العلاقات بين مصر وتركيا

أودعت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة مذكرة رسمية في الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي، سُجلت في 16 من الشهر نفسه تحت رقم الوثيقة A/80/386. تضمنت المذكرة اعتراضاً صريحاً على مذكرة التفاهم الموقعة بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية (NOC) وشركة البترول التركية (TPAO) بتاريخ 25 يونيو/ حزيران الماضي، التي نصت على إجراء مسوحات جيولوجية وزلزالية في أربع مناطق بحرية. اعتبرت القاهرة أن هذه المذكرة تمثل انتهاكاً مباشراً لسيادتها، مؤكدة أن ما يسمى بـ"المنطقة 4" يقع بالكامل ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري المصري، وفقاً للقرار الجمهوري رقم 595 لسنة 2022. شريف عبد الله: تمرير الاتفاقية البحرية عبر البرلمان الليبي يمثل هدفاً استراتيجياً لتركيا علاقات مصر وتركيا هذه الخطوة المصرية، وإن بدت على السطح تصعيداً دبلوماسياً ضد أنقرة وطرابلس، إلا أن مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت لـ"العربي الجديد" أنها "إجراء روتيني قانوني لا يرقى إلى مستوى المواجهة، بل يهدف إلى حفظ الحقوق وتعزيز الموقف التفاوضي مستقبلاً". وأضافت المصادر أن "القاهرة تدرك أن العلاقات المصرية ـ التركية تشهد زخماً في مجالات أخرى، اقتصادية وسياسية وأمنية، وأن الخلاف حول شرق المتوسط لا يعني قطع مسار التطبيع الجاري بين البلدين، بل قد يكون موضوعاً لتفاهمات لاحقة". من الناحية القانونية، رأى أستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة أن القرار الرئاسي رقم 595 لسنة 2022، الذي حدد الحدود البحرية الغربية لمصر في المتوسط، يُعد "إجراءً أولياً مهماً، لكنه غير كافٍ"، إذ يعوزه استكمال باتفاقيات ثنائية مع ليبيا باعتبارها دولة مجاورة، ومع تركيا باعتبارها دولة مقابلة. وأكد سلامة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن تعيين الحدود البحرية بشكل انفرادي، مع إخطار الأمم المتحدة، وإن كان إجراءً قانونياً، فإنه ليس الوسيلة الفضلى أو النهائية، مشدداً على أن "الاتفاقيات الثنائية تبقى الوسيلة الأكمل والأصح لترسيم الحدود". واستشهد سلامة بتجربة مصر مع قبرص، التي مكنت القاهرة من استغلال حقول الغاز في شرق المتوسط، وعلى رأسها حقل ظهر، الذي ساعد على وقف استيراد الغاز لأول مرة عام 2019 وتوفير مليارات الدولارات من العملة الصعبة. لكنه حذّر في الوقت ذاته من أن تركيا قد تعترض على القرار المصري الانفرادي، ما يفتح الباب أمام منازعات محتملة في المحافل الدولية. وطرح سلامة عدة بدائل لتسوية النزاعات البحرية، منها اللجوء إلى القضاء الدولي أو هيئات التحكيم، أو حتى تدخل منظمات دولية كالأمم المتحدة، مستشهداً بحالة العراق والكويت بعد حرب الخليج. من زاوية أخرى، قدم شريف عبد الله، مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، قراءة مختلفة، إذ رأى أن الملف الليبي ليس سوى ورقة مناورة سياسية بين القاهرة وأنقرة، وأن المصالح المشتركة بين الدولتين أكبر بكثير من خلافهما حول ليبيا. وأوضح عبد الله لـ"العربي الجديد"، أن "تمرير الاتفاقية البحرية عبر البرلمان الليبي يمثل هدفاً استراتيجياً لتركيا، فيما تدرك مصر أن الاتفاق قد يمكنها من استعادة مساحات بحرية فقدتها في اتفاقية ترسيم الحدود مع اليونان، لكنها تستخدم هذا الملف لكسب أوراق تفاوضية في قضايا أخرى أكثر أهمية، مثل السودان وغزة والقرن الأفريقي والبحر الأحمر". مصادر دبلوماسية: المذكرة المصرية لا تمثل تصعيداً بل تحصين موقف مصر القانوني لا تصعيد مصرياً وأكدت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد"، أن المذكرة المصرية لا تمثل تصعيداً، بل مجرد خطوة إجرائية لتحصين الموقف القانوني المصري. وهي بذلك تتيح لمصر مساحة مناورة واسعة في التفاوض مع تركيا، التي قد ترى في تقديم المذكرة مجرد عمل روتيني لا يهدد مسار العلاقات المتنامية بين البلدين. وبحسب خبراء، فإن المذكرة المصرية في الأمم المتحدة تعكس إصرار القاهرة على الدفاع عن سيادتها البحرية وتثبيت حقوقها القانونية، لكنها في الوقت ذاته تكشف حدود التصعيد الممكن في مواجهة تركيا. القاهرة ليست في وارد الانخراط في مواجهة مفتوحة مع أنقرة، بل تحاول استخدام الأدوات القانونية لتعزيز موقفها التفاوضي، مع الإبقاء على مسار التقارب قائماً. كانت تركيا وليبيا قد وقعتا اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ووقعها آنذاك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق آنذاك فايز السراج، كما وقعت وزارتا الخارجية في البلدين، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022 أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 595 لسنة 2022 بشأن تحديد حدود مصر البحرية الغربية في البحر المتوسط بشكل منفرد.
بتاريخ:  2025-10-01


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل