أخر الأخبار » العربي

كيفت عطّلت جرائم إسرائيل مشروع الممر الهندي الغربي؟... محللون يجيبون

كشف خبراء ودبلوماسيون في منتدى القاهرة الثاني عن خفايا تعطيل مصر وعدد من الدول العربية والخليجية لمشروع الممر الملاحي المعروف بـ"إيمك"، الذي يروج له الاتحاد الأوروبي ويدعمه الأميركيون منذ نحو أربع سنوات، ويهدف إلى ربط الهند بمنطقة المحيطَين الهندي والهادي بالغرب. وأوضح هؤلاء في المنتدى، الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية على مدى يومين (3 و4 نوفمبر/تشرين الثاني 2025)، أن المشروع الذي صُمم ليكون بديلاً للتأثير الصيني في مبادرة الحزام والطريق، جعل من إسرائيل نقطة التقاء مركزية بين الشرق والغرب، في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى فرض هيمنتها بالقوة العسكرية وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق رؤيتها الخاصة، متجاهلة قدرات دول المنطقة وإمكاناتها. وأشاروا إلى أن هذا التوجه الإسرائيلي المفرط في السيطرة، إضافة إلى العدوان المستمر على غزة، شكّل ضربة قاضية للمشروع وأوقف نموه فعلياً، بعدما باتت فكرة مرور الخط عبر إسرائيل مرفوضة شعبياً وسياسياً في المنطقة، ما جعل "إيمك" مشروعاً ميتاً إكلينيكياً قبل أن يرى النور. في السياق، قال الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، أثناء مناقشة مفتوحة، إن "تسييس ممر بإدماج إسرائيل أضعف المشروع، مبيناً أن إدماج مصر في المشروع مروراً بقناة السويس بدلاً من إسرائيل يعيد إليه توزانه الجيوسياسي والاقتصادي"، وأوضح أن الاتحاد الأوروبي طرح منذ نحو أربع سنوات مبادرته المعروفة باسم البوابة العالمية، خطةً موازية لمبادرة الصين الحزام والطريق، بينما أطلقت الولايات المتحدة مبادرة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي يمتد من الهند إلى أوروبا، وكل المبادرات تسعى لتحقيق الهدف ذاته، وهو تعزيز الربط بين آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، ولكن المبادرة الأمريكية IMEC تحمل منعطفاً سياسياً، يتمثل في دمج إسرائيل ضمن المشهد الاقتصادي والسياسي للشرق الأوسط، إذ اعتمدت على طريق غير طبيعي يمر عبر السعودية والأردن وإسرائيل نحو البحر الأبيض المتوسط، بدلاً من استخدام الممر الطبيعي القائم عبر مصر وقناة السويس، وهذا يمثل نقطة ضعف رئيسية، داعياً إلى إزالة فكرة التسيس عن الممرات. وأضاف كامل أن هذا الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا لم يرسخ جذوره بعد، خاصة في جانبه المتوسطي، موضحاً أن الصراع في غزة وردّات الفعل داخل مجلس التعاون الخليجي تجاهه، إلى جانب المواقف من السياسات الإسرائيلية، جعلت من الصعب في الوقت الراهن المضي قدماً في تنفيذ هذا الجزء من المشروع، مشيراً إلى أن الحل يكمن في تعديل المسار عبر إدراج مصر عنصراً رئيسياً ضمنه، نظراً لما تتمتع به من استقرار سياسي وموقع جغرافي محوري وشبكة بنية تحتية متطورة. وأوضح أن هذا لا يعني استبدال المسار الأصلي، بل تعزيز فعاليته من خلال إنشاء نسخة موسعة تعرف باسم IMEC EGYPT. وقال كامل إن "الترابط بجميع أشكاله الرقمي، والنقل، والطاقة أصبح اليوم محور الاهتمام العالمي، مشيراً إلى أن القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، وهي الولايات المتحدة وأوروبا والصين، تقدم كل منها رؤيتها الخاصة لتعزيز هذا الترابط على المستوى العالمي". بدوره، أوضح عضو غرفة الملاحة المصرية والخبير البحري محمد شيرين النجار أنّ الممر الهندي–الغربي عبر إسرائيل غير قابل للاستدامة اقتصادياً أو لوجستياً، نظراً لاعتماده على النقل البري المحدود مقارنة بقدرات قناة السويس التي تتمتع بقدرات تفوق بكثير ما يمكن أن يقدمه الممر الجديد، إذ يمكنها استيعاب سفن تحمل ما يصل إلى 26 ألف حاوية، مقارنة بأقصى قدرة لقطار يبلغ نحو ألف حاوية فقط، كما أنه يفتقر للربط مع أفريقيا، ما يجعل النسخة المقترحة من "إيمك" أكثر كفاءة وجدوى على المستويَين التجاري والجغرافي. كما أكد أن مصر تستفيد من موقعها الاستراتيجي لجذب الاستثمارات الصناعية، إذ بدأت شركات كبرى كـ"مرسيدس" و"بي إم دبليو" التصنيع فيها، ما يعزّز دورها مركزَ إنتاج وتصدير للأسواق الأوروبية القريبة، مشيراً إلى أن تقييم الممرات يعتمد على كفاءة التكلفة، ووقت العبور، والمرونة الجيوسياسية. من جانبها، قالت أنيتا براكاش، مديرة السياسات والشراكات بمعهد البحوث الاقتصادية لرابطة دول جنوب شرق آسيا وشرق آسيا في جاكرتا، خلال مشاركة عبر تقنية الفيدو كونفرانس، إن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يمثل مبادرة متعددة الأبعاد تهدف إلى تعزيز الترابط التجاري والصناعي بين القارات الثلاث. وشددت على أن نجاحه يتطلب إعادة تصور المفهوم ليشمل دول شمال أفريقيا وفي مقدمتها مصر، باعتبارها مركزاً رئيسياً في سلاسل القيمة العالمية للتصنيع. وكشفت براكاش عن دعم مجموعة السبع الصناعية الكبرى G7 للمشروع لايجاد عدة خطوط تربط بين جنوب شرق آسيا وأوروبا في مسارات موازية للمشروعات التي تدعمها مجموعة بريكس والتي تعتمد على طريق الحرير البحري. وأكدت أن التجربة الآسيوية، تقدم درساً مهماً لكيفية بناء شبكات إنتاجية متكاملة قادرة على دعم النمو الإقليمي. وشددت على أن مصر، بما تمتلكه من موقع جغرافي فريد وبنية تحتية لوجستية متطورة في مقدمتها قناة السويس، يمكن أن تكون الركيزة الأهم في النسخة المطورة من الممر "IMEC–Egypt". وفي السياق، قالت أمبر إيوم، المستشار الخاص والدبلوماسي لجيرارد ميستراليه، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي للممرالاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، إن المشروع يمثل مبادرة تحويلية كبرى تهدف إلى إعادة رسم خريطة الترابط العالمي خلال العقد المقبل، كما يهدف إلى تعميق الشراكات الاستراتيجية مع بعض دول مجموعة "بريكس" وعلى رأسها الهند. وأشارت إلى أنه جرى تشكيل لجان لدراسة محاور رئيسية تشمل الطاقة، والربط الرقمي، ونقل البضائع، والتمويل، إلى جانب دراسات الجدوى الفنية والسياسية. وأكدت أن دولاً مثل عُمان ومصر مرشحة للانضمام في مراحل لاحقة، وأكدت أنه منذ البداية ترى فرنسا أن مصر يجب أن تكون جزءاً من الممر، مؤكدة أن قناة السويس وموانئ بورسعيد والإسكندرية تمثل محاور استراتيجية طبيعية في هذا الإطار، مشددة على دعم فرنسا المتواصل لانضمام مصر إلى الممر. إلى ذلك، قال السفير فرانشيسكو م. تالو، مبعوث وزارة الخارجية الإيطالية للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، إنه ليس الهدف من الممر استبدال قناة السويس، بل خلق تكامل وتنوع في مسارات التجارة والطاقة والاتصال الرقمي عالمياً، لافتاً إلى أن البعد الرقمي أصبح وقود القرن الحادي والعشرين ومحركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي العالمي. وأضاف أن البحر الأبيض المتوسط، رغم أنه لا يمثل سوى 0.8% من مياه البحار في العالم، إلا أنه يستحوذ على نحو 20% من التجارة البحرية العالمية، ما يجعل موقع مصر محورياً في ربط المحيطَين الهندي والأطلسي.  من جانبها، أوضحت السفيرة رومانا فلاهوتين، المبعوث الخاص للربط الاستراتيجي، والمنسق الوطني لمبادرة البحار الثلاثة، أنّ القطاع الخاص سيكون المحرك الرئيسي لإنجاح مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، من خلال ضخ استثمارات ضخمة في مجالات النقل والبنية التحتية، ولا سيّما في خطوط السكك الحديدية والموانئ، مشددة على أن نجاح المشروع يتطلب بيئة مستقرة سياسياً وأمنياً، إلى جانب وجود معايير موحدة تضمن جدوى الاستثمارات وتكاملها بين الدول المشاركة، كما أن المشروع لا يقتصر على البنية التحتية المادية فقط، بل يشمل أيضاً التحول الرقمي وتكامل الطاقة النظيفة، ما يجعل منه منصة للتنمية المستدامة وتبادل التكنولوجيا والمعرفة. بدورها، قالت المدير التنفيذي ومديرة البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية عبلة عبد اللطيف، إن الحديث عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، الذي طُرح خلال قمة مجموعة العشرين عام 2023، برز بوصفه مشروعاً يهدف لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط باستخدام مزيج من الطرق البحرية والسكك الحديدية مروراً بالإمارات والسعودية وميناء حيفا باسرائيل. واعتبرت أن التحديات السياسية واللوجستية وتكلفة إنشاء ممر جديد بالكامل دفعت إلى إعادة تقييم المشروع وتوسيع رؤيته نحو شبكة أكثر مرونة وتنوعاً من الممرات التجارية.
بتاريخ:  2025-11-04


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل