أقلام وآراء » المصري اليوم

مصطفى عبداللاه يكتب: الإسكان الفندقى: كيف يكون داعمًا حقيقيًا لمستهدف ثلاثين مليون سائح؟

تشير التقديرات إلى احتياج القطاع السياحى المصرى لإضافة ٢٥٠ ألف وحدة فندقية جديدة، وهو ما قد تصل تكلفته لحوالى ٢٥ مليار دولار امريكى، حتى يتمكن من تحقيق هدفه الاستراتيجى الأكبر وهو المتمثل فى استضافة البلاد لثلاثين مليون سائح بحلول ٢٠٢٨، ويأتى هذا الاحتياج فى ظل ظروف اقتصادية عالمية وإقليمية ضاغطة، قد تُقلل من فرص انجذاب الاستثمار السياحى الأجنبى عامة والاستثمار الفندقى خاصة لدخول أسواق الدول الناشئة، وأيضًا أسواق منطقة الشرق الأوسط الملتهبة بشكل شبه مزمن.

كما تشترط المادة الثانية بوجه عام أن تقع شقق الإجازات بالمناطق السياحية أو داخل تجمعات سكنية مميزة، وفى تلك المادة تحدٍ آخر متمثل فى عدم صلاحية بعض المبانى وحتى بعض الأحياء السكنية داخل المناطق السياحية، لأن تكون مقرًا لوحدات إسكان فندقى، فكم من العشوائيات والمبانى المخالفة توجد بالقرب من مواقع سياحية وتراثية شهيرة داخل أقاليم القاهرة الكبرى والإسكندرية والصعيد والبحر الأحمر، وهو ما لا يصلح ولا يناسب بالتأكيد لأن يكون واجهة لمصر أمام ضيوفها الأجانب.

فيما يُحمِل القرار فى مادته الثالثة طاقم عمل وزارة السياحة والآثار عبء التعامل مع مئات الآلاف وربما الملايين من العمليات والمهام الإجرائية، بهدف تلبية طلبات الحصول شهادات الصلاحية السياحية، التى سيتقدم بها آلاف من الأفراد والشركات الراغبة فى دخول مجال أعمال الإسكان الفندقي؛ مما سيمثل ضغطًا مضاعفًا على هذا الكيان الحكومى المثقل أصلًا بأعباء متنوعة تنقسم ما بين إدارة ملف القطاع السياحى وملف القطاع الأثرى، وسيزيد من وطأة هذا العبء انتشار طالبى شهادات الصلاحية على مستوى البلاد؛ مما سيصعب لاحقًا عمليات متابعتهم والرقابة عليهم.

بناء على ما سبق، تحتاج عمليات إدراج الشقق السكنية على مسار النشاط الفندقى لتخطيط استراتيجى دقيق من قبل الأجهزة الحكومية ذات الصلة، كما تحتاج لخبرة مهنية وانضباط إدارى على المستويين التنفيذى والعملياتى من قبل شركات إدارة وتشغيل أنشطة الإسكان الفندقى، وهو ما شأنه أن يحمى تلك التجربة الجديدة نسبيًا على قطاع السياحة المصرى من أن تقع فريسة للنمو العشوائى، كما سيحافظ على نشاط الإسكان الفندقى من حدوث سلبيات مُضرة بالسمعة الراقية لصناعة الفندقة الوطنية، لذلك يمكن اقتراح عدد من النقاط التى قد تساعد فى ضبط هذا النشاط السياحى والخدمى الصاعد:

١. قد يكون من المناسب أن تقوم وزارة السياحة والآثار بوضع مخطط عام لاحتياجات الدولة المصرية من الإسكان الفندقى بكل محافظة مصرية، وذلك لتقدير أعداد الوحدات التى يمكن تصريح أعمالها، بما يسهم فى سد العجز الناتج عن عدم كفاية المنشآت الفندقية التقليدية والمنتجعات بكل مقصد سياحى، ولتلبية الاحتياجات الفندقية التى تلاقى حجم الحركة السياحة المتوقعة بكل مقصد سياحى مصرى مستقبلًا.

٢. سيكون من الراجح أن تتولى وزارة السياحة والآثار وضع تسعيرات أو حدود دنيا لمقابل الإقامة بوحدات الإسكان الفندقى الفندقية بعموم المقاصد المصرية، لمنع ظهور ممارسات حرق الأسعار المُضرة بنشاط القطاع الفندقى، مع الاستوصاء باتباع سياسات تسعيرية مرنة تراعى طبيعة المواسم السياحية على مدار العام من جهة، وخصوصية حالة النشاط السياحى بكل منطقة أو مقصد مصرى من جهة أخرى، وذلك بالتنسيق مع غرفة المنشآت الفندقية.

٣. من الملائم أن تمنح الحكومة المصرية أصحاب وحدات الإسكان الفندقى مجموعة من الحوافز كى تشجعهم على خوض هذا المجال، مثل الإعفاء من ضريبة الدخل الفندقى وضرائب المبيعات وضريبة الدمغة، وذلك لمدة محددة تعويضًا لهم عما بذلوه من استثمار مالى بهدف تجهيز وحداتهم الفندقية وفقًا للكود الذى أصدرته وزارة السياحة والآثار فى هذا الصدد.

٤. لا يجب أن يُترك أمر إدارة وحدات الإسكان الفندقى إلى أشخاص غير خبراء فى مجال العمل الفندقى، لهذا يمكن لوزارة السياحة والآثار أن تعهد بمهمة إدارة وحدات الإسكان الفندقى داخل المقاصد السياحية لعدد من شركات الإدارة الفندقية الناشئة عوضًا عن ملاك تلك الوحدات غير المتخصصين؛ حيث يمكن لتلك الشركات أن تتولى مهمة صيانة ورعاية الوحدات الفندقية التى تحت أيديها، فضلًا عن تلبية طلبات ومعالجة شكاوى النزلاء أسوة بما يتم اتباعه فى المنشآت الفندقية العادية، وأيضًا إبلاغ الأجهزة الحكومية بما يرد من عملاء، وقيمة الأرباح المحققة من الأعمال.

٥. وفى حال رغبة بعض ملاك الوحدات الفندقية فى إدارة وحداتهم الفندقية أنفسهم، لا بد لهم أن يحصلوا على تدريبات خاصة تحت إشراف غرفة المنشآت الفندقية كى تصقل مهاراتهم فى أعمال الإدارة والتشغيل الفندقى، لينالوا بذلك شهادة مهنية مكملة لشهادة الصلاحية السياحية، كما يمكن لوزارة السياحة أن تنظم بالتعاون مع غرفة المنشآت الفندقية سلسلة من التدريبات الدورية كى تزيد خبرة ومهارة العاملين بمجال إدارة وتشغيل وحدات الإسكان الفندقى، سواء من الملاك وحتى الموظفون العاملون مهم أو مع شركات الإدارة الفندقية الناشئة.

٦. يمكن لوزارة السياحة أن تزيح عن كاهلها عبء التعامل والإشراف على الآلاف من ملاك ومديرى الوحدات الفندقية عن طريق تعهيد عدد من مكاتب الاعتماد التابعة للقطاع الخاص، للقيام بمهمة عمل معاينات التشغيل ومنح شهادة الصلاحية السياحية لوحدات الإسكان الفندقى، والتفتيش على تلك الوحدات الفندقية الحاصلة على الترخيص بشكل دورى، مع عدم انتقاص حق إدارات التفتيش داخل الوزارة من إجراء حملات تفتيشية إضافية، للتأكد من سلامة المعايير المتبعة من قبل ملاك ومديرى تلك الوحدات الفندقية من جهة، وللتأكد من جهة أخرى على اضطلاع وعناية مكاتب الاعتماد التابعة للقطاع الخاص بما يوكل إليهم من مهام تنظيمية ورقابية، وفقًا لما تنص عليه القوانين واللوائح ذات الصلة.

٧. قد يكون من المفيد أن تَعَهد وزارة السياحة والآثار لأحد الكيانات الوطنية المختصة بصناعة التكنولوجيا كى تقوم بتدشين منصة إلكترونية مهمتها عرض وحدات الإسكان الفندقى المتوفرة بكافة المقاصد السياحية المصرية، أسوة بمختلف المنصات الإلكترونية العالمية العاملة فى هذا المجال، لتقوم تلك المنصة المصرية بمهمة إعلان وترويج ما لديها من وحدات إسكان فندقى، فضلًا عن تلقى التحويلات المالية مقابل الحجوزات؛ مما سييسر بدوره تجربة النزلاء من جهة، وسيوفر الجهد على أصحاب وحدات الإسكان الفندقى وشركات الإدارة من جهة أخرى، كما سيكون لتلك المنصة دور فى إحكام سيطرة الأجهزة الحكومية على تحركات سوق الإسكان الفندقي؛ مما سيضمن حق الدولة فى تحصيل الضرائب المقررة على ملاك تلك العقارات الفندقية.

٨. وأخيرًا، يمكن تصميم لائحة مكملة لقرار السيد وزير السياحة والآثار رقم ٢٠٩، هدفها وضع تصنيفات سياحية للشقق الفندقية وفقًا لدرجة تشطيبها وتجهيزها الداخلى، وأيضًا الشكل والحالة الفنية للمبانى التى توجد فيها، فضلًا عن تميز موقعها الجغرافى داخل المدن الحضرية والمجتمعات الريفية، وهو ما سيتشابه فى طريقة عمله مع ما هو متبع ومعمول به فى تصنيف المنشآت الفندقية العادية؛ مما سيشجع المستثمرين على بذل مزيد من الجهود بهدف رفع تصنيفات وحداتهم الفندقية، أملًا فى تحقيق هوامش أعلى من الإيرادات المادية.

* باحث أول ببرنامج السياسات العامة


بتاريخ:  2025-11-01


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل