إنفوجرافيك

وأوضح «حسن» أن فكرة البارتوجرام طُورت لأول مرة عام ١٩٥٤ على يد العالم الجنوب إفريقى إيمانويل فريدمان الذى وضع «منحنى فريدمان» لمتابعة تقدم الولادة بناءً على توسع عنق الرحم والزمن، ثم قامت منظمة الصحة العالمية فى السبعينيات بتطوير نسخة أكثر دقة وحداثة اعتُبرت المعيار الذهبى عالميًا لمتابعة الولادة الطبيعية وتقليل المضاعفات وإنقاذ الأمهات والأطفال.

وأضاف أن البارتوجرام يعتمد على تسجيل عدة مؤشرات طبية أثناء الولادة، تشمل توسع عنق الرحم مع مرور الوقت، قوة وعدد انقباضات الرحم، وضع الجنين ونبضه، بالإضافة إلى العلامات الحيوية للأم مثل ضغط الدم والنبض والحرارة. ويتيح هذا الرسم البيانى للفريق الطبى متابعة دقيقة للتقدم فى الولادة والتدخل المبكر عند حدوث أى تأخير أو مضاعفات.

إنفوجرافيك

وشدد «حسن» على أن الاستخدام الصحيح للبارتوجرام يسهم فى تقليل القرارات غير المدروسة باللجوء إلى الولادة القيصرية، حيث يساعد على اكتشاف تأخر تقدم الولادة مبكرًا، والتدخل الطبى السليم فى الوقت المناسب، ما يرفع معدلات الولادة الطبيعية الآمنة ويحمى الأم والجنين من المضاعفات.

من جانبها، حذرت الدكتورة عبلة الألفى، نائب وزير الصحة والسكان لشؤون رعاية الأم والطفل، من إجراء عمليات الولادة القيصرية دون وجود سبب طبى، مؤكدة أن أى طبيب يقوم بتنفيذ هذه العمليات من دون سند طبى أو علمى سيتعرض للمساءلة، منبهة إلى أن محافظتى بورسعيد وكفر الشيخ سجلتا أعلى معدلات للولادة القيصرية على الرغم من عدم الحاجة الطبية لها.

وأضافت أن الولادة القيصرية غير المبررة قد يترتب عليها مضاعفات صحية خطيرة، منها ضعف المناعة والتأثير على وظائف الرئة، مشددة على ضرورة تحديد سبب طبى واضح قبل الإقدام على إجرائها.

وأشارت إلى أن زيادة نسب الأطفال المبتسرين تعود فى الأساس إلى الإفراط فى اللجوء إلى الولادة القيصرية، لافتة إلى أن وزارة الصحة والسكان تعمل على مواجهة هذه الظاهرة عبر وضع قواعد منظمة على مستوى الجمهورية، إلى جانب تزويد المستشفيات بالأجهزة الطبية الحديثة، وإعادة دور القابلات، وتصحيح المفاهيم، وتكثيف برامج التدريب لجميع الأطقم الطبية.

وأكدت الألفى أن مشوار الوزارة فى هذا الملف لا يزال طويلًا، لكن الجهود متواصلة بخطوات جادة تهدف إلى ضمان سلامة الأمهات والأطفال.

أوضحت أن الوزارة وضعت استراتيجية وطنية لدمج القابلات تدريجيًا فى منظومة الولادة الطبيعية، بحيث تتولى القابلة متابعة المخاض باستخدام مخطط الولادة (البارتوجرام) تحت إشراف طبيب مختص، بما يضمن سلامة الأم والجنين.

إنفوجرافيك

وأشارت إلى وجود نقص حاد فى عدد القابلات، حيث تحتاج مصر إلى ٢٠ ألف قابلة مدربة، فى حين لا يتجاوز العدد الحالى ١٠٠٠ قابلة فقط، ولمعالجة ذلك، اعتمدت الوزارة خطة تدريب شاملة تتضمن: دورات تدريبية مدتها ١٨ شهرًا، وبرنامج البورد المصرى للقبالة (٣ سنوات)، وإعادة إدراج تخصص القبالة فى كليات التمريض، وبرامج المعاهد الصحية (٣ سنوات). كما تم تحديث القرار الوزارى الصادر عام ١٩٩٠ لتحديد ٣ مستويات وظيفية للقابلات بناءً على المؤهل والتدريب.

وأضافت أن دور «الدولا»- كمُرافقة غير طبية توفر الدعم العاطفى والجسدى والمعلوماتى للأم- يكمل عمل القابلة من خلال تقديم الدعم النفسى والعاطفى، تدريب الأم على تقنيات الولادة الطبيعية، مرافقتها أثناء الولادة، وتعزيز الرضاعة الطبيعية خلال «الساعة الذهبية» وممارسة «الجلد للجلد».

من ناحيته، قال الدكتور محمد فوزى، أستاذ النساء والتوليد المساعد بجامعة الفيوم، إن مشكلة ارتفاع معدلات الولادة القيصرية فى مصر معقدة وليست مسؤولية طرف واحد فقط، وإنما تتداخل فيها عدة عوامل. أولها المعتقدات الشعبية الخاطئة المنتشرة بين السيدات، مثل أن الولادة الطبيعية قد تسبب مشكلات فى العلاقة الزوجية أو فى التحكم العضلى، وهى أفكار لا أساس علمى لها لكنها أصبحت شائعة وأثرت على قرارات الكثير من الأمهات.

محمد فوزى

وأضاف «فوزى» أن الضغوط الأسرية كذلك تلعب دورًا فى دفع السيدات نحو القيصرية، حيث نجد بعض الأمهات أو الحموات يفضلنها اعتقادًا أنها «أخف وطأة» على الزوجة، وهذه الثقافة تختلف تمامًا عما كان سائدًا لدى أمهاتنا وجداتنا اللواتى كنّ يلدن طبيعيًا دون هذه المخاوف. أما الجانب الثانى فيتعلق بدور الدولة، فالمنظومة الصحية تعانى من قصور فى التثقيف الصحى والإعلامى، فالتوعية الطبية لا بد أن تكون جزءًا أساسيًا من العمل الصحى، مثلما هناك وعى سياسى أو اجتماعى أو دينى، لكن للأسف هذا الدور لم يأخذ حقه بشكل كافٍ، وفقًا لحديث الدكتور محمد فوزى.