أخر الأخبار » العربي

استهداف الجمعيات المدنية يتواصل في تونس

حذّر ناشطون في تونس من الاستمرار في استهداف الجمعيات المدنية بالبلاد، وذلك بعد سلسلة من قرارات تعليق الأنشطة قسراً، طاول آخرها جمعية "منامتي" التي تُعنى بمناهضة العنصرية وبالدفاع عن حقوق المهاجرين، والتي ترأسها الناشطة الحقوقية سعدية مصباح المعتقلة في السجون التونسية. ويأتي القرار، المحدّد بشهر واحد، بعد آخر مماثل طاول المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أوّل من أمس الاثنين، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يوم الجمعة الماضي. وتأتي قرارات السلطات التونسية القاضية بتعليق نشاط الجمعيات قسراً بعدما عمدت النيابة العامة في البلاد إلى فتح تحقيقات بحقّ عشرات منها، وذلك على خلفية تهم بتلقّي "تمويلات أجنبية مشبوهة"، ولا سيّما من قبل المؤسسة التابعة للملياردير الأميركي-المجري جورج سوروس، علماً أنّ علامات استفهام عدّة تُطرَح في بلدان أخرى في هذا الشأن. ???????? | L’association antiraciste Mnemty, présidée par Saadia Mosbah, annonce la suspension de ses activités pour 30 jours par décision des autorités.#Tunisie #Tunisia #تونس https://t.co/AfqY8Ubs0U pic.twitter.com/7gXLSlYRbl — Tounes El Khadra | تونس الخضراء ???????????? (@TounesKhadra) October 28, 2025 ومن المتوقّع أن تشمل قرارات التجميد التي تمضي تونس في اتّخاذها تباعاً عشرات الجمعيات الإضافية، من بينها جمعية "سوليدار - تونس"، وذلك بعد صدور إذن قضائي يقضي بتجميد أموالها، مع العلم أنّ هذه الجمعية كانت قد أُنشئت في عام 2015، وتعمل من أجل تعزيز قيم العدالة الاجتماعية والتضامن والمساواة والإنصاف. في هذا الإطار، أعربت منظمة العفو الدولية فرع تونس، في بيان أصدرته أمس الثلاثاء، عن قلقها العميق إزاء مواصلة استهداف الجمعيات، من خلال إجراءات إدارية تعسفية وغير مبرّرة طاولت عدداً من جمعيات تونس. وطالبت عريضة وقّعتها 26 منظمة، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل وجمعيتا "محامون بلا حدود - تونس" و"بيتي"، إلى جانب 11 حزباً، وحملت كذلك تواقيع أكثر من مئة شخصية عامة، بالتراجع الفوري عن قرارات تعليق نشاط الجمعيات قسراً، ووقف سياسة الترهيب الإداري وكذلك القانوني تجاه المنظمات الوطنية المستقلة. واستنكرت القرارالمتعلّق بتجميد نشاط المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمدّة شهر واحد، مشدّدةً على أنّه "قرار جائر"، ويندرج من ضمن سياسة ممنهجة تستهدف منظمات المجتمع المدني والناشطين الفاعلين في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات. ودانت العريضة نفسها تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، في نهاية الأسبوع الماضي، لافتةً إلى أنّ القرار "يعكس إرادة واضحة لإسكات الأصوات المدافعة عن الفئات الهشّة والراصدة لانعكاسات الأزمة الاقتصادية كما الاجتماعية على المواطنين". ويقول الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مسعود الرمضاني، وهو أحد الموقّعين على العريضة، لـ"العربي الجديد" إنّ "منذ تولّي رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيّد السلطة في عام 2019، أعلن أنّ الديمقراطية بشكلها الحالي، أي الأحزاب والجمعيات والمعارضة، انتهت"، وبالتالي "لا مجال لوجودها، ويجب استبدالها بما يسمّى بالديمقراطية القاعدية التي تُعَدّ نوعاً آخر من أنواع التنظم". وإذ يؤكد أنّ "هذا المسار انطلق في عام 2019"، يرى الرمضاني أنّ "من غير الممكن ضرب العمل المدني بهذه الطريقة؛ صحيح أنّ المحاسبة مطلوبة وأنّ ثمّة خللاً لدى جمعيات ولا بدّ من الشفافية في مجال التمويل ومن الوضوح في العمل والمعاملات، غير أنّ هذه الطريقة لا تتيح التمييز ما بين الجمعيات التي ارتكبت إخلالات وتلك التي تعمل بشفافية". ويتابع الرمضاني أنّ "المساءلة والتضييقات قد تشملان عشرات الجمعيات الأخرى في القريب، الأمر الذي يُمثّل ضربةً لعمل الجمعيات وكلّ سلطة مضادة"، مشيراً إلى أنّه "قد نصل إلى مرحلة تغيب فيها الجمعيات كلياً". ويبيّن أنّ "جمعيات عدّة أُنشئت في عهد (الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين) بن علي، وكانت تساند السلطة فقط من دون الاضطلاع بأيّ دور آخر. لكنّنا شهدنا، بعد الثورة (2011) ربيع الجمعيات، إذ تأسّست العشرات منها، وقد تعدّى دورها البعد الديمقراطي إلى التأهيل والتكوين". ويوضح الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ "ثمّة جمعيات تعمل على ملفات مهمّة من قبيل التشغيل الهشّ والهجرة"، مضيفاً أنّ "عدداً كبيراً منها أدّى دوراً مهمّاً في فضّ بعض المشكلات، وساهم حتى في التوظيف وخلق فرص عمل، خصوصاً في ظلّ استفحال أزمة البطالة". ويتابع: "للأسف، إنّ مآل معظم هذه الجمعيات قد يكون الانقراض". ويرى الرمضاني "وجوب أن تدافع الجمعيات عن نفسها، وتأتي بمزيد من الضغط للدفاع عن الحقوق والحريات والديمقراطية"، مبيّناً أنّ "المنتدى، على سبيل المثال،  قدّم دراسات عدّة حول التشغيل الهشّ والعنف والانقطاع (التسرّب) المدرسي، وكان في إمكان السلطة الاستفادة منها". ويشدّد على أنّ "عمل الجمعيات ليس ضدّ السلطة، بل يهدف إلى لفت انتباه الدولة إلى قضايا عدّة، ومساعدتها في معالجة ملفات عديدة بعيداً عن المكابرة". من جهته، يفيد المنسّق العام لـ"ائتلاف صمود" حسام الحامي "العربي الجديد" بأنّه "يجري تتبّع الوضع المالي للجمعيات المعنية، من بينها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، منذ أكثر من عام، وقد طُلب منها توفير المعلومات والمعطيات الخاصة بالتمويل". يضيف: "بالتالي، إنّ اختيار التوقيت، في مثل هذا الظرف، لتعليق النشاط، قد يكون غير بريء، خصوصاً أنّ البلاد تعيش على وقع تحرّكات اجتماعية بيئية في ولاية قابس جنوبي تونس". يُذكر أنّ "ائتلاف صمود"، الذي يعرّف عن نفسه بأنّه تجمّع مواطني من أجل تونس سيادية وديمقراطية وتقدمية واجتماعية، هو الذي تولّى نشر العريضة المشار إليها آنفاً. ويلفت المنسّق العام لـ"ائتلاف صمود" إلى أنّ "السلطات في تونس تستخدم هذه الملفات من أجل التغطية على الأزمة الحقيقية في منطقة قابس"، مضيفاً أنّ تعليق عمل الجمعيات قسراً "لا يمثّل حلاً، لأنّ الأزمة في قابس مستمرّة والتلوّث متواصل، وحالات الاختناق (بين السكان) تتواتر". ويقول الحامي إنّ "من واجب السلطات، بدلاً من استهداف الجمعيات، الذهاب إلى إيجاد حلول وتقديم تصوّرات، سواء في قابس أو في ولايات أخرى تعاني من مشكلات عدّة"، ويبيّن أنّ "المشكلات الاجتماعية متعدّدة وأنّ هذه الملفات لن تؤدّي إلا إلى مزيد من القمع والظلم"، مؤكداً أنّ "ناشطين عديدين في عمل الجمعيات، وحتى مواطنين عاديين، يتعرّضون للأسف للظلم". من جهتها، أعربت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن إدانتها قرار تجميد نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدّة شهر واحد، ووصفته بأنّه حلقة جديدة في سياق سلسلة متواصلة من الاستهدافات التي تطاول الجمعيات المستقلة في البلاد، وبأنّه انتهاك خطر لعمل الجمعيات.
بتاريخ:  2025-10-29


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل