في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، تنشغل شركة ناشئة بخطط تلامس الخيال العلمي، حيث تسعى إلى إطلاق آلاف المرايا إلى الفضاء لتعيد توجيه ضوء الشمس نحو الأرض في الساعات التي يختفي فيها النهار، وذلك تحت مظلة مشروع يحمل اسم «Reflect Orbital» يستهدف تغيير شكل الليل كما نعرفه، عبر إضاءة مناطق محددة بعد الغروب وقبل الشروق لزيادة الإنتاج الزراعي وخفض استهلاك الكهرباء وتعزيز النشاط البشري ليلاً.
تكشف الأوراق الرسمية المقدّمة إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية عن أن التمويل الكامل للمرحلة التجريبية الأولى «EARENDIL-1» أصبح جاهزًا، بانتظار إطلاق القمر الصناعي التجريبي العام المقبل.
وتؤكد الشركة تلقيها أكثر من 250 ألف طلب من جهات حكومية وتجارّية تريد الاستفادة من الإضاءة القادمة من الفضاء، وتطمح «Reflect Orbital إلى نشر كامل مجموعتها الفضائية بحلول عام 2030، لتوفير الضوء عند الطلب في أصعب لحظات الظلام.
صورة توضيحية للمشروع![صورة توضيحية للمشروع]()
لا يتوقف المشروع عند الإضاءة الليلية فقط، إذ تسوّق الشركة حلولاً واسعة، منها دعم محطات الطاقة الشمسية ليلاً، تسهيل الإنقاذ في مناطق الكوارث، تحسين نمو المحاصيل، تقليل الحاجة إلى أعمدة الإنارة في المدن، وتمديد يوم العمل دون زيادة استهلاك الكهرباء.
لكن تلك الرؤية المستقبلية تتحدى حدود الطبيعة التي حكمت الحياة منذ ملايين السنين، فرغم كل الوعود المشرقة، يطلق علماء الفلك أجراس الإنذار، ومنهم روبرت ماسي، نائب المدير التنفيذي للجمعية الملكية الفلكية البريطانية، الذي يرى أن المشروع يهدد السماء الليلية بشكل مباشر ويصفه بـ«الكارثة العلمية»، إذ يحوّل التلوث الضوئي من خطأ جانبي إلى هدف بحد ذاته، ويخشى الفلكيون أن تتحول المرايا اللامعة إلى نجوم متحركة تشتّت الرؤية وتعرقل مراقبة الكون.
تؤكد منظمات بيئية مثل «BugLife» أن زيادة الضوء الليلي تغيّر السلوك الطبيعي للكائنات، من اضطراب هجرة الطيور، إلى ارتباك الحشرات الملقِّحة، مرورًا بتزايد الأرق والقلق لدى البشر.
أما المؤيدون للمشروع فيرون أنه يمنح الأرض ساعات إضافية من الحياة، في حين يراه معارضون تهديدًا لآخر المساحات المظلمة على كوكب أرهقته الأضواء، أن مبادرة Reflect Orbital تقف اليوم في منطقة رمادية بين الإبداع والتهور، وفي انتظار لحظة الإطلاق التي قد تُعلن بداية عصر جديد أو بداية اختفاء الظلام نفسه.
بتاريخ: 2025-10-25
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.