ثقافة » اليوم السابع

الروائية نهى داود فى حوار لـ اليوم السابع: الفشل خطوة تجاه النجاح

كثيرون هم مَن يكتبون في عالم الجريمة، لكن قليلون هم مَن يمزجون بينه وبين الأدب الاجتماعي، فمن السهل أن تكتب عن قضية قتل مثيرة ومليئة بالغموض، لكن من الصعب أن تصف حالة المتهم، أو الجاني الذي تدور حوله جميع الشبهات، ومن الصعب أيضًا أن يتحد الشرطة مع أهل الضحية لكشف القاتل، بل والأغرب من وجهة نظري أن يرى أحدهم جثة شخص ما ويبقى طوال الوقت يبحث عن هويتها وكيف ظهرت ولماذا اختفت.

الروائية  نهى داوود
الروائية نهى داود

هذا ما تنتهجه نهى داود في كتاباتها، فهي لا تسعى لكتابة جريمة عادية، بل تسعى لكشف طبيعة النفس البشرية، وتسليط الضوء على جزء من قضايا المجتمع، مع إضفاء بعض الإثارة على الرواية، كل هذا دفعنا لنتعرف أكثر على شخصيتها، من خلال حوارها مع اليوم السابع.. إلى نص الحوار..

 

قبل اتجاهكِ للكتابة الأدبية كنتِ مهندسة ومبرمجة لفترة طويلة كيف قررتي تغيير مسارك واتجهتِ للكتابة.. وهل خفتِ من المخاطرة؟

في الحقيقة قراري بالكتابة لم يكن قرارًا واعيًا، بل كان صدفة حين قضيت إجازة نهاية العام مع أبنائي في أحد فنادق الغردقة، فأحببت خوض التجربة، وكانت تجربة ممتعة، والمتعة التي شعرت بها دفعتني للإكمال في مجال الكتابة، ولم يكن لدي ما أخسره، خاصة أنني لم أكن سعيدة في عملي في الفترة الأخيرة، لكني وجدت شغفًا حقيقيًا تجاه الكتابة التي لا أشعر بالوقت معها، المخاطرة بالنسبة لي لم تكن كبيرة، لأنني لا أفكر في الفشل، فأنا أرى أن الفشل خطوة تجاه النجاح، بدليل أنني نشرت أول روايتين لي على حسابي الشخصي في معرض الكتاب 2019، وقررت إعطاء نفسي فرصة حتى نهاية 2020، ولو لم أنجح كنت سأتجه لمجال آخر للنجاح فيه.

في لقاءات سابقة لكِ تحدثتِ عن أهمية التخطيط قبل الكتابة.. هل كان لرواياتك الأولى تخطيط مسبق.. ومتى بدأتِ التخطيط للكتابة بشكل فعلي؟؟

كتبت روايتي الأولى دون تخطيط، وكان بها بعض الأخطاء التي نبهني إليها أصدقائي، لكني لم أتمكن من كتابة روايتي الثانية، لذا اتجهت لورش الكتابة وحصلت على دبلومة في الكتابة، وقتها أدركت أهمية التخطيط، ومع الوقت يتطور التخطيط لدي في كتابة رواياتي، لأنه يساعد على تجنب الكثير من الأخطاء.

من الطبيعي أن يتعرض الإنسان للانتقاد في بعض الخطوات المهمة في حياته.. كيف تخطيتِ هذه الانتقادات..  وما هو رد فعل أسرتك على خطوة الكتابة وخصوصًا اختيارك لأدب الجريمة؟

كان هناك انتقادات كثيرة حقًا، لكنها والحمد لله لم تكن من أقاربي، فأبي - رحمه الله - وزوجي وأبنائي شجعوني وكانوا داعمين لي، حتى أقاربنا كانوا متحمسين لي كثيرًا، الانتقادات، والدهشة، والرفض كانوا من أصدقائي وزملائي، وكنت أتفهم موقفهم لأنه ليس من الطبيعي أن أترك مجالاً عملت به لأكثر من 19 عامًا وأتجه لمجال آخر.

ميزة رواياتك أنها تمزج ما بين الجريمة وقضايا المجتمع.. لهذا أحيانًا قد يشعر القارئ بالتعاطف مع المجني عليه كما أنه يفهم دوافع القاتل كي يكون حذِرًا في المستقبل.. هل تصادف أن وثقتى جريمة حدثت على أرض الواقع؟

أنا أكتب عن جرائم القتل فقط، والجرائم التي تصادف ورأيتها كانت جرائم سرقة، ولا أتمنى أن أُشاهد جريمة قتل حقيقية، فأنا لا أحب العنف والدموية برغم كوني كاتبة لأدب الجريمة، يكفي أن أقرأها في أخبار الحوادث والروايات، وأشاهدها في الأفلام الوثائقية والدراما.

أنتِ أم لثلاثة أبناء في مراحل عمرية مختلفة كيف تشجعينهم على القراءة خصوصًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي؟

للأسف لم أتمكن من تشجيعهم على حب القراءة، ابنتي فقط هي مَن نجحت معها في هذا، لكنني أصطحبهم معي إلى معارض الكتاب كل عام، ونخصص ميزانية لشراء الكتب، وأقرأ أمامهم حتى يقتدوا بي يومًا ما، فأنا أتخذ من التربية بالقدوة منهجًا لتربية أبنائي، وهو نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وأرجو أن أكون قدوة حسنة لأبنائي، بالفعل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تحدٍ كبير لأنها تقدم متعة سهلة لمستخدميها، أنا من الناس التي تقع في هذا الفخ، وأحاول تجنبه كثيرًا.

حياتكِ كانت مليئة بمحطات متعددة.. بداية من ولادتكِ في إنجلترا مرورًا بدراستكِ في مصر ثم سفركِ مرة أخرى إلى إحدى الدول العربية.. كيف تأقلمتِ مع تلك الحياة وكيف أثرت عليكِ؟

أُطلق على نفسي دائمًا اسم: "سمكة خارج الماء"، وهو نمط من أنماط الشخصية، ترمز إلى الشخص الذي لا ينتمي إلى المكان، ورغم المصاعب التي واجهتها في تلك المحطات، لكنها صقلت خبراتي وزادت من معارفي.

في فترة من فترات خضتِ تجربة النشر الإلكترونية صفي لنا ردود فعل القراء على هذه التجربة وهل تسعين لتكرارها مرة أخرى؟

بالفعل كان لي تجربتين للنشر الإلكتروني، الأولى كانت عندما نشرت روايتي الثانية "مشهد سيما" إلكترونيًا قبل نشرها ورقيًا، وكانت تلك الخطوة سببًا في متابعة الناس لي وإيمانهم بأسلوبي وقلمي، أما التجربة الثانية كانت في فترة الكورونا، أحببت وقتها أن أضرب عصفورين بحجر واحد، أُسَلّي الناس بحلقات روايتي، وأُسلّي نفسي بالكتابة، فنشرت رواية بعنوان "قانون جليلة"، ونُشِرت على شكل حلقات على صفحة دار النشر التي كنت متعاقدة معها وقتها، وتفاعل الناس معها بشكل كبير، خاصة مع المسابقة التي أجرتها الدار للكشف عن القاتل في الرواية۔۔ أرجو تكرار تلك التجربة، لكن لضيق الوقت أكتفي بالنشر الورقي، لكني أسعى حقًا لإعادتها.

ما المصادر التي تعتمدين عليها في كتابة رواياتك؟

أعتمد في كتابة رواياتي على نوعين من المصادر: المصادر العامة، كالاستماع إلى الناس واكتشاف رغباتهم، واحتياجاتهم، ومشاكلهم، وأنا متابعة جيدة لوسائل التواصل الاجتماعي وما يكتبه الناس على صفحاتهم۔۔ بالإضافة إلى قراءة السير الذاتية لأنها تعكس لي صورة حقيقية للإنسان، وتساعدني على رسم شخصيات رواياتي والابتعاد عن الشخصيات التقليدية...

أما المصادر المتخصصة، فأستعين ببعض أصدقائي في مجال الطب الشرعي والقانون الجنائي، إلى جانب الاستعانة ببعض مَن عايشوا تجارب معينة، كما في جريمة السيدةهاء، استعنت بامرأة قضت ليلة في حجز النساء في قسم الشرطة، لأني أردت الكتابة عن حجز المتهمين بصورة غير تقليدية.

ما هي هوايات نهى داود؟

أول هواياتي هي القراءة، أحب القراءة جدًا وأنسى فيها نفسي، وأحب لعبة تركيب القطع "البازل" والرسم، لكني لا أجد لهما الوقت دائمًا.

ما أقرب رواياتك إلى قلبك ومَن أقرب أبطال رواياتك إليكِ؟؟

أقرب الروايات إلى قلبي رواية رضا، وأقرب أبطال رواياتي إليّ نجية في رواية جثتان والثالثة عند قدمي، بسبب الألم والمعاناة التي عانتهما من أهلها.

بمَ تنصحين الكُتّاب الذين يرغبون في خوض تجربة الكتابة؟

أنصحهم بالالتحاق بورش الكتابة، والقراءة أكثر في المجال الذي يرغبون بكتابته، والاستماع إلى لقاءات الكُتّاب الكبار والذين سبقوهم في هذا المجال.




بتاريخ:  2025-10-22


التعليقات على الموقع تعكس آراء كتابها ولا تعكس آراء الموقع.
يمنع أي لفظ يسيء للذات الالهية أو لأي دين كان أو طائفة أو جنسية.
جميع التعليقات يجب أن تكون باللغة العربية.
يمنع التعليق بألفاظ مسيئة.
الرجاء عدم الدخول بأي مناقشات سياسية.
سيتم حذف التعليقات التي تحوي إعلانات.
التعليقات ليست للتواصل مع إدارة الموقع أو المشرفين. للتواصل يرجى استخدام صفحة اتصل بنا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
يجب ملىء حقل الاسم.
يجب ملىء حقل العنوان.
يجب ملىء حقل الرساله.
الاكثر مشاهدة
للاعلى تشغيل / ايقاف للاسفل